قبل ساعات قليلة من بداية شهر محرم وانطلاق مجالس العزاء في مختلف المناطق اللبنانية، تم الكشف عن توقيف شابين كانا يخططان لاستهداف عناصر من الجيش اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت، الأمر الذي يذكر الجميع بأن "الإرهاب" لا يحتاج الا لثغرة أمنية صغيرة يستغلها لينفذ عبرها الى الجسد اللبناني.
إمساك الأمن في لبنان يستوجب العمل الدوري والتنبه سواء كنا بحالة حرب معلنة مع الإرهاب، أم لم نكن، يقول مصدر أمني، مشيرا الى أن الأجهزة الامنية اللبنانية اتخذت منذ سنوات قرارا بالبقاء على جهوزية تامة لمواكبة أي تطور امني، وبالتالي لا تختلف طريقة العمل الأمني الإستخباراتي في عاشوراء، عنها في باقي الأيام، انما الاختلاف يأتي في الاجراءات العلنيّة المتخذة والتي لها علاقة بالتعاطي مع المواطنين على الحواجز ونقاط التفتيش.
من قصد الضاحية الجنوبية الإثنين يلاحظ ضغط سير كثيف على مداخلها، والسبب في ذلك هو القرار الأمني القاضي بالتدقيق بهويات كل الداخلين الى الضاحية. تشير مصادر حزبيّة الى أن الاجراءات الامنية العلنية تبدأ عند الساعة الخامسة عصرا من كل يوم من أيام عاشوراء وتستمر حتى انتهاء المجالس العاشورائية المركزية، كاشفة أن من هذه الاجراءات "الدخول الى الضاحية بالهويّة اللبنانية"، اما سواها فيحتاج الى تدقيق وترخيص مرور، كذلك الأمر بالنسبة للسيارات كبيرة الحجم اذ يصبح أمر تنقلها ودخولها الضاحية بعد الساعة الخامسة من الامور الصعبة.
لا تخفي المصادر الأمنية تطور أجهزة المراقبة في الضاحية منذ العام الماضي حتى اليوم، مشيرة الى أن طرقاتها ومفارقها وتقاطعاتها اصبحت مراقبة بواسطة "كاميرات" يُشرف عليها حزب الله، الأمر الذي سهّل العمل الأمني بشكل كبير وباتت النقاط الأمنية لا تحتاج لكثير من العناصر لضبطها. وتضيف المصادر: "تعمل غرف التحكم الخاصة بالحزب على توجيه العناصر في الشوارع حيث يوجد ضرورة، وهذا في ساعات النهار العادية، أما في ساعات العصر والمساء عندما تكثر المجالس العاشورائية فعندها يتم رفع حالة التأهب".
في المجلس المركزي الذي يقيمه حزب الله في مجمع سيد الشهداء، تُقفل الطرقات المحيطة تزامنا مع موعد آذان المغرب، ويصبح الدخول الى محيط المجمع محصورا بالمشاة بعد مرورهم على نقاط التفتيش الموزّعة على الطرقات. كذلك قام أمن حزب الله في الأيام الماضية بجردة جديدة للسيارات في محيط المجمع وفي كل الشوارع التي ستشهد يوم العاشر من محرم مرور المسيرات العاشورائية، وفي الجردة يتم تسجيل إسم مالك السيارة وعنوان سكنه، مع العلم أن ليلة العاشر من محرم يتم اقفال الطرقات في الضاحية بشكل نهائي بحيث لا يمكن الدخول اليها او الخروج منها لأي سبب كان.
الى جانب، فرق الكلاب البوليسية المدرّبة التي باتت موجودة بكثافة في شوارع الضاحية، تعمل فرق الهندسة والكشف عن المتفجرات في الحزب وأمل بشكل مكثّف وتحديدا في ساعات الصباح الاولى. وبالإضافة الى الاجراءات التي تتخذها القوى الأمنية والجيش على مداخل الضاحية، وتولي حزب الله مسؤولية أمن مجالسه العاشورائية، تُناط بحركة أمل مهمة حماية مجالسها أيضا، ولعل الأبرز هو المجلس المركزي مساء في منطقة معوّض، اذ رغم تغيير المكان بضعة أمتار، لا تزال وتيرة الاجراءات الأمنية المواكبة ترتفع في كل عام، نظرا للحشود الضخمة التي تحضر المجلس. وهنا تقول المصادر: "أجرت الحركة منذ مدة تحديثا للمسح الشامل الذي تجريه للأجانب في عدد من أحياء الضاحية، وتحديدا أولئك الموجودون في محيط اماكن إقامة التجمعات العاشورائية، وذلك بهدف تسهيل التعاطي معهم، بالاضافة الى التنسيق الدائم واليومي مع الفلسطينيين في المخيمات، لضمان الأمن".
قد لا يكون الخطر على الباب كما يُقال، ولكن الأجهزة الامنية بكافة فروعها وعناصر الجيش وأجهزة الأمن في حركة امل وحزب الله، يتعاطون بحرص شديد مع الملف الأمني، اذ لا مجال للخطأ، وحياة الناس أمانة بالرقاب.